أ- قتل الوزغ.
الوزغ، والوزغة: دويبة معروفة، وهي السام الأبرص.
قال الدميري -رحمه الله-: من طبعه أنه لا يدخل بيت فيه الزعفران، وتألفه الحيات، ويبيض كما تبيض الحيات.
وقد ورد الأمر بقتله في عدة أحاديث صحيحة في البخاري ومسلم، منها ما روته أم شريك -رضي الله عنها-: "أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أمرها بقتل الأوزاغ"، وسماه -صلى الله عليه وآله وسلم- فويسقاً، لما في طبعه من الضرر والأذى.
قال شيخنا العلامة قاضي القضاة محمد تقي عثماني -حفظه الله-:
وقد أورد الإمام مسلم -رحمه الله- هذا الحديث مختصراً وزاد البخاري في الأنبياء: وقال -أي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم-: (كان ينفخ على إبراهيم -عليه السلام-).
وتفصيله ما أخرجه ابن ماجه في الصيد بإسناد صحيح عن سائبة مولى الفاكه بن المغيرة: أنها دخلت على عائشة فرأت في بيتها رمحاً موضوعاً، فقالت: يا أم المؤمنين، ما تصنعين بهذا؟ قالت: نقتل به الأوزاغ، فإن نبي الله -صلى الله عليه وآله وسلم أخبرنا أن إبراهيم -عليه السلام لما ألقوه في النار لم تكن في الأرض دابة إلا أطفأت النار، غير الوزغ، فإنها كانت تنفخ عليه فأمر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بقتله.
الذي يظهر لي والله أعلم، أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إنما بيّن هذه القصة لبيان خبث طبعه، ودناءة جبلّته، وإنما السبب في الأمر بقتله هو كونه مؤذياً وإلا فالظاهر أن ما فعلته وزغات عهد إبراهيم -عليه السلام- لا يعاقب به وزغات هذا الزمان.
فالسبب الأصلي في الأمر بقتله هو إيذائه واعتدائه، ومن جملة ما فعل أبناء جنسه لسيدنا إبراهيم -عليه السلام-